المدونة
كيف يمكن للسكن المشترك أن يحسّن حياتك ويوفر لك المال
مدرس شغوف بسوق الأسهم والاقتصاد

آخر تحديث
الوقت المتوقع للقراءة 3 د.فهرس المحتوى
كثيرون يعتقدون أن مشاركة السكن مع آخرين مجرد محطة عابرة في الحياة، فترة انتقالية بين سنوات الدراسة الجامعية والانتقال إلى منزل مستقل، وكأنها مرحلة لا بد من تجاوزها مع مرور الوقت.
كيف يمكن للسكن المشترك أن يحسّن حياتك ويوفر لك المال
غير أن الواقع مختلف بالنسبة لعدد كبير من الناس، خاصة في المدن الكبرى أو وسط الظروف الاقتصادية الحالية، فالعيش بمفردك لا يعني دائمًا التقدّم. بل على العكس، الاستمرار في مشاركة السكن قد يكون خيارًا ذكيًا يوفر لك مزايا حقيقية. سواء كنت في العشرينات أو الثلاثينات أو حتى في مراحل متقدمة من حياتك، هناك فوائد ملموسة للعيش مع آخرين، خصوصًا حين يكون في أجواء منظمة، نظيفة، ومختارة بعناية، بعيدًا عن الفوضى التقليدية لسكن الطلاب.
وقد لايخلو العيش المشترك مع شركاء سكن من التحديات، لكنه يحمل أيضًا الكثير من الجوانب الإيجابية. فوجود أشخاص تشاركهم تفاصيل الحياة اليومية يمكن أن يخفف من الشعور بالوحدة ويجعل العودة إلى المنزل أكثر دفئًا. والأجمل أن بعض الصداقات القوية تبدأ من تجربة السكن المشترك، إذ قد يتحول الغرباء الذين نتقاسم معهم السكن إلى أصدقاء مقربين يدوم الارتباط بهم لسنوات طويلة.
لماذا يصبح العيش مع شركاء سكن خياراً ذكياً ومربحاً؟
إليك الأسباب:
1. واحدة من أسرع الطرق لتقليل نفقات المعيشة
يمثل الإيجار أكبر بند في ميزانية معظم الناس. فالعيش بمفردك قد يبدو ممتعًا وحرًا، لكنه مكلف، خاصة في المدن حيث تتجاوز تكلفة الاستوديو راتبًا كاملًا. والسكن المشترك يقلّص هذه التكاليف إلى النصف أو أكثر. فالمرافق، الإنترنت، وديعة التأمين، كلها تُقسم بين الشركاء. لذلك يمكن استخدام الأموال الموفرّة لسداد الديون، تمويل السفر، بدء مشروعك الخاص، أو فقط لتخفيف الضغط المالي الشهري. فإن هذا النوع من التوفير ليس شيئًا بسيطًا في ظل ارتفاع التضخم والأسعار السكنية، ، بل استراتيجية ضرورية أحيانًا.
2. الحصول على مساحة أكبر مقابل مال أقل
تعد شقق غرفة النوم الواحدة مكلفة وغالبًا صغيرة جدًا. بالمقابل، يوفّر السكن المشترك أو الشقق متعددة الغرف مساحة أكبر بشكل ملحوظ، مثل غرفة معيشة حقيقية، حديقة، وربما زاوية للعمل. شقة بغرفتين غالبًا ما تكلف فقط بضع مئات أكثر من شقة بغرفة واحدة، ما يجعل القسمة بين الشركاء توفيرًا كبيرًا. بهذه الطريقة، لن توفر المال فقط، بل ستحصل أيضًا على تحسين في نمط حياتك، وهو أمر مهم خاصة إذا كنت تعمل من المنزل، حيث تمنح الغرف المنفصلة مساحة للعمل، الطبخ، الاسترخاء، وتعزز الصحة النفسية.
3. يقيك من الانعزال
العيش بمفردك قد يكون هادئًا، لكنه قد يتحول إلى شعور بالوحدة بسرعة. بدون وجود شخص يشاركك الحياة اليومية، سواء لتناول الطعام معًا أو لمجرد التحدث بعد يوم طويل، يصبح الانعزال سهلاً جدًا. السكن مع شركاء لا يعني التواجد معهم باستمرار، لكنه يضمن وجود شخص آخر حولك، للتحدث على فنجان قهوة، لملاحظة غيابك أو تغيّر حالتك، وللتذكير بأنك لست وحيدًا. في زمن باتت فيه الوحدة من أبرز التحديات الصحية، هذه الفائدة تحمل قيمة كبيرة.
4. اختيار شريك السكن المناسب هو المفتاح
وجود شريك سكن مناسب يجعل تجربة العيش المشترك ليست فقط مجدية ماليًا، بل أيضًا تجربة حياة أفضل. فاختيار الشخص الصحيح يمكن أن يضيف للبيئة المنزلية شعورًا بالراحة والتناغم ويمنع المشاكل قبل حدوثها.
في الماضي، كانت مواقع مثل Craigslist الخيار الرئيسي للبحث عن شركاء سكن، لكن الآن هناك منصات حديثة وموثوقة. على سبيل المثال، RoomMate وهو موقع عربي يتيح لك البحث عن شركاء سكن في المدن الكبرى ويقدم قوائم محدثة باستمرار، مع إمكانية التصفية بحسب اهتماماتك ونمط حياتك.
5. شركاء السكن يمكن أن يوسّعوا حياتك وليس ميزانيتك فقط
قد يبدأ الأمر بهدف توفير المال، لكن العيش مع الشخص المناسب يمكن أن يفتح أمامك فرصًا غير متوقعة. قد تتعرف على شريك عمل، متعاون إبداعي، أو شبكة دعم قوية. يمكن لشركاء السكن الجيدين إخراجك من الروتين، تعزيز شعورك بالانتماء، وتحسين حياتك الاجتماعية بشكل يفوق ما يوفره العيش بمفردك.
6. السكن المشترك يمنحك حرية أكثر، وليس العكس
اختيار شركاء السكن لا يعني التنازل عن الاستقلالية. فبتوفير جزء أكبر من دخلك، يمكنك التركيز على تطوير مشروعك، متابعة حياة إبداعية، السفر، أو تقليل ضغوط الحياة. يمنحك السكن المشترك الوقت والمرونة لتطوير نفسك، الادخار لشراء منزل، أو حتى أخذ إجازة طويلة. أحيانًا، يكون اتخاذ قرار يمنحك خيارات أوسع في المستقبل هو أذكى شكل من أشكال الاستقلالية.
سلبيات السكن مع الشركاء
على الرغم من وجود العديد من الإيجابيات للسكن المشترك، إلا أن هناك بعض السلبيات التي يجب الانتباه لها. فبدون تواصل واضح واحترام متبادل، قد تتحول الملاحظات الصغيرة إلى مشاكل أكبر. لذلك، من المهم تقييم كل العوامل المحتملة قبل الالتزام بالعيش المشترك.
1.تحديد معايير وميزانية شريك السكن
بعد أن تقرر السكن مع شريك مناسب لك، تأتي خطوة تحديد الصفات التي تبحث عنها في شريك السكن وما يمكنك تقديمه بالمقابل. تحديد هذه التوقعات مسبقًا يساعدك على استبعاد الخيارات غير المتوافقة وجذب الشركاء المناسبين بشكل أسرع. فكر في هذه المرحلة كأساس لترتيب سكن ناجح.
2. إعداد قائمة بالصفات الأساسية
قبل البحث عن شريك أو تصفح الإعلانات، خصص وقتًا لعمل قائمة بالصفات الأساسية التي ترغب أن يمتلكها شريكك. النظافة غالبًا ما تكون سببًا رئيسيًا للخلاف، لذا من المهم تحديد مستوى التنظيم والنظافة المطلوب. قد ترغب في شخص يغسل الصحون بانتظام، يحافظ على ترتيب المناطق المشتركة، ويحترم المساحات المشتركة.
ومن الصفات المهمة أيضًا التحمل والمسؤولية، من الضروري أن يكون الشخص ملتزم بدفع الإيجار في الوقت المحدد، يحترم الحدود، ويتواصل عند ظهور أي مشاكل.
توافق الجداول اليومية يمكن أن يكون عاملاً مهمًا أيضًا. إذا كنت تعمل ليلاً وشريكك يستيقظ مبكرًا، فقد تكون هناك اضطرابات مستمرة. التوافق في ساعات العمل، أوقات الهدوء، واستخدام المناطق المشتركة يساعد كثيرًا في الحفاظ على الانسجام.
فكر أيضًا في الأمور التي لا يمكن التنازل عنها. هل تقبل الحيوانات الأليفة أم لديك حساسية؟ هل التدخين داخل المنزل أو الموسيقى الصاخبة في الليل أمر مزعج؟ كن صريحًا مع نفسك بشأن ما يمكنك تحمله وما لا يمكنك. تحديد هذه النقاط مسبقًا يمنع حدوث صراعات أكبر لاحقًا. لا تحتاج لشريك نسخة منك، لكن يجب أن يكون أسلوب حياته متوافقًا مع أسلوب حياتك.
الميزانية وعقد الإيجار
بعيدًا عن التوافق الشخصي، يجب أن تكون الأمور المالية واضحة قبل توقيع أي عقد. حدد تكلفة المعيشة الكاملة، بما في ذلك الإيجار، المرافق، الإنترنت، واللوازم المشتركة. قسم المسؤوليات المالية وحدد طريقة الدفع، هل ستقسمون كل شيء بالتساوي، أم سيدفع شخص أكثر مقابل غرفة أكبر؟
كما يجب تحديد من سيكون مسجّلًا في عقد الإيجار، كلا الأطراف أم طرف واحد فقط، وكيف سيتم التعامل مع التأمينات. قد تبدو هذه المحادثات محرجة، لكنها ضرورية لحماية الجميع. فوجود توقعات مالية واضحة منذ البداية يساعد على تجنب سوء الفهم ويخلق بيئة سكنية أكثر استقرارًا.
ماذا يجب تضمينه في اتفاقية شريك السكن؟
ينبغي أن تغطي اتفاقية شريك السكن جميع الجوانب المهمة للعيش المشترك. ابدأ بتقسيم الإيجار والمرافق، موضحًا كم يدفع كل شخص، موعد الدفع، وطريقة السداد. أدرج أيضًا المصاريف المشتركة مثل الإنترنت والمياه وحتى مستلزمات المنزل. بعد ذلك، حدد مسؤوليات كل شخص في المنزل، مثل من يقوم بالتنظيف ومتى، وهل تتناوبون على المهام، وكيف ستتعاملون مع البقالة وصيانة المناطق المشتركة.
سياسات الضيوف من الأمور التي قد تحدث فيها سوء تفاهم. لذلك من الأفضل أن تتفقوا على عدد زيارات الضيوف، حدود الإقامة الليلية، وساعات الهدوء احترامًا لخصوصية وراحة كل شخص. أدرج قواعد تتعلق بمستوى الضوضاء، خاصة إذا كانت جداول العمل أو النوم مختلفة بين الشركاء.
هناك أيضاً جزء غالبًا ما يُهمل ولكنه مهم جدًا هو تحديد ما يحدث إذا قرر أحد الأشخاص مغادرة السكن قبل انتهاء الاتفاق. هل سيكون مسؤولًا عن إيجاد بديل؟ هل سيتحمل الشريك الباقي الإيجار مؤقتًا؟ توضيح هذه السيناريوهات مسبقًا يساعد على تجنب القلق والاستياء لاحقًا.
ماهي شروط إيجاد أفضل الشقق المشتركة؟
اختيار الشقة المناسبة لا يقل أهمية عن اختيار الشريك السكني المناسب. فالمساحة التي تعيش فيها تؤثر بشكل كبير على جودة حياتك. أفضل الشقق المشتركة ليست فقط بأسعار معقولة، بل مصممة بطريقة تحترم خصوصية الجميع، وتلبي احتياجات التنقل أو نمط حياتك، وتوفر وسائل راحة تجعل السكن المشترك أسهل. سواء كنت تنتقل إلى مساحة مشتركة موجودة بالفعل أو تبحث عن شقة مع شريك محتمل، لذلك معرفة ما الذي تبحث عنه يمكن أن يوفر عليك الوقت والمال ويقلل من الضغوط المستقبلية.
ما الذي يجعل الشقة المشتركة مثالية؟
ليست كل الشقق مصممة لتناسب السكن المشترك. الشقق المثالية عادةً ما تحتوي على غرف نوم متعددة متقاربة الحجم، وحمامين إن أمكن، مع فصل واضح بين المناطق المشتركة والمساحات الخاصة. ووجود غرفة معيشة ومطبخ واسع يعتبر ميزة كبيرة، لأنها ستكون مناطق استخدام مكثف. وإذا كان سيتم تقسيم الإيجار بالتساوي، فإن تساوي قيمة الغرف يساعد على تجنب الاستياء أو المفاوضات المحرجة.
ينصح بالبحث عن وحدات في مبانٍ توفر غسالة ومجفف داخل الشقة، أو غسالة صحون، أو تحكم مستقل بدرجة الحرارة، وهي وسائل تجعل الحياة اليومية أكثر سهولة عند مشاركة المنزل مع عدة أشخاص. كما أن وجود مكاتب أو مناطق عمل ودراسة داخل الشقة يكون مفيدًا إذا كان أحد الشركاء أو كلاهما يعمل من المنزل.
في الختام، قد يبدو العثور على شريك سكن والشقة المناسبة مهمة صعبة، لكن مع خطة واضحة وأدوات مناسبة وصبر قليل، يمكن أن يكون أحد أذكى قراراتك. سواء كنت تريد تقليل الإيجار، مشاركة المسؤوليات، أو تجنب الشعور بالوحدة، يمكن للسكن المشترك أن يكون تجربة مجزية.
المفتاح هو التحضير المسبق، حدد نوع شريك السكن الذي تبحث عنه، واضبط ميزانيتك، وضع توقعات واضحة. ومع كثرة الخيارات المتاحة اليوم عبر الإنترنت، يصبح من السهل العثور على شريك مناسب وشقة تلبي احتياجاتك. التوافق الجيد والتواصل الفعّال يمكن أن يحول مكان نومك إلى أكثر من مجرد غرفة، ليصبح منزلاً تشعر فيه بالراحة والانتماء.
المصادر: