جميع أصدقائي الذين اشتروا منازل قبل سن الثلاثين كانوا يتباهون بأنهم لم يعودوا "يضيّعون أموالهم"على الإيجار. أما أنا، فرغم أنني أملك منزلاً اليوم، لم أشعر يوماً عندما كنت أستأجر أنني كنت أهدر المال. في نهاية المطاف، كنت أدفع مقابل حاجة أساسية: مكان أعيش فيه.

الإيجار ليس خسارة: متى يكون استئجار المنزل خياراً أذكى من الشراء؟

واليوم، صحيح أنني أدفع أقساط الرهن العقاري، لكنني أدفع معها أيضًا نفقات صيانة كثيرة، وكل ذلك مقابل نفس الغرض: الحصول على مكان للسكن.

لماذا يعتبر الإيجار رائعاً؟

غالباً ما يتم المبالغة في الحديث عن الفوائد المالية لتملّك المنزل، لكن للإيجار مزايا لا ينبغي التغاضي عنها، لنتحدث عنها بالتفصيل:



مرونة لا مثيل لها

تمتد معظم عقود الإيجار لسنة واحدة فقط، لذا إن لم تكن مستعدًا للاستقرار في مكان واحد لخمس سنوات أو أكثر، فإن الإيجار يمنحك حرية البقاء طالما أردت، أو المغادرة متى رغبت.

أما إذا اشتريت منزلاً، فبيعه وتحقيق ربح خلال عام واحد هو أمر في غاية الصعوبة، ما يجعل الإيجار خيارًا يوفر عليك عناء تلك العملية.

لست مسؤولاً عن صيانة العقار

واحدة من أكبر مزايا الإيجار هي أنك غير مسؤول عن أعمال الصيانة المتكررة والمكلفة.

عندما اشتريت منزلي لأول مرة، كنت متحمسًا لشراء آلة جزّ العشب والاعتناء بالحديقة. بعد بضع سنوات، بدأت أدفع لشخص آخر للقيام بذلك، وإذا تغيب أشعر بالانزعاج لأنني أضطر لقضاء ساعتين من عطلة نهاية الأسبوع في المشي ذهابًا وإيابًا حول الحديقة.

منذ أن اشتريت المنزل، اضطررت إلى إنفاق آلاف الدولارات على تسربات المياه، وفيضان القبو، وتعطّل الأجهزة المنزلية، وغيرها من المشكلات.

أما حين كنت أعيش كمستأجر، فقد كنت أتعامل مع عدم اضطراري لتحمّل أعباء الصيانة كأمرٍ مسلّم به. لكن في الحقيقة، تلك كانت ميزة جوهرية لا يدرك المرء قيمتها الحقيقية إلا بعد أن يفقدها.

يمكن للإيجار أن يفيدك ماليًا أيضًا

إذا كنت تعيش في منطقة تتيح لك استئجار شقة بسعر أقل بكثير من تكلفة تملّك منزل مماثل، فيمكنك استثمار الفرق الشهري لصالحك، حتى لو لم يكن هذا الفرق كبيرًا.

فمثلًا، إذا كان الإيجار الشهري 1,000 دولار، في حين أن قسط الرهن العقاري لمنزل مشابه يبلغ 1,300 دولار، فإنك توفّر 3,600 دولار سنويًا، وهو مبلغ يمكنك استثماره لتعزيز وضعك المالي.

وعلى عكس ملكية المنزل، فإن هذا المبلغ المُوفَّر يُعد نقدًا متاحًا يمكنك التصرف فيه بحرية، سواء لبناء صندوق طوارئ، أو سداد الديون، أو المساهمة في حساب تقاعد، وهي خيارات لا تتيحها قيمة العقار بشكل مباشر أو فوري.

المنزل ليس دائمًا استثمارًا جيدًا

نعم، هناك من يحققون ملايين الدولارات من الاستثمار العقاري، وبعضهم تقاعد فقط من خلال بيع منزله بعد 30 عامًا. لكن الغالبية العظمى لا تعيش هذه التجربة.

لا ينبغي اعتبار المنزل الذي تسكن فيه استثمارًا.

صحيح أن المنزل الجيد في موقع مرغوب قد ترتفع قيمته مع الوقت، لكن الأمور لا تسير دائمًا بهذه الطريقة. العوائد المتوقعة تختلف بشكل كبير من مدينة لأخرى. وبينما ينعم البعض بعوائد ممتازة، قد يواجه آخرون انخفاضًا في قيمة منازلهم.

المنازل هي في الحقيقة "مصائد مالية"

لا يمكن إنكار أن صيانة المنازل مكلفة. فهي تتطلب أعمال طلاء دورية، وصيانة للحدائق والأسطح وأنظمة التكييف، فضلًا عن أجهزة منزلية باهظة قد تتعطل في أكثر اللحظات غير المناسبة، مما يضيف أعباء مالية غير متوقعة على المالك.

فصديقي مثلاً اضطر لاستبدال الموقد والثلاجة خلال السنة الأولى من سكنه في منزله.

ولماذا تعتقد أن مالك العقار يتأخر في إصلاح تسرب صنبور المياه؟

لأنه يريد إطالة عمره لأقصى حد.

عند امتلاكنا للمنازل، كثيرًا ما ننفّذ الإصلاحات والتجديدات بدافع عاطفي لا ارتباط له بقيمة إعادة البيع، مما يجعل تكلفة التملّك أعلى بكثير مما قد تبدو عليه مقارنة بالإيجار.

لا يمكنك التحكم في الضرائب أو الجيران

عند شراء منزل، فإنك تلتزم بجوارك ومحيطك لفترة طويلة، سواء كان جيدًا أم لا.

إذا كنت تعيش في مدينة مزدهرة ذات مدارس ممتازة، من المرجح أن ترتفع قيمة منزلك، لكن الضرائب العقارية سترتفع معها. وإذا لم يرتفع راتبك بنفس وتيرة ارتفاع التكاليف، قد تجد نفسك غير قادر على تحمل نفقات السكن في منطقتك.

وقد حدث هذا بالفعل مع والديّ ومع أهل زوجتي، ولم تكن تجربة سهلة.

أما إذا تدهورت منطقتك السكنية، فأنت لن تكون فقط من يعيش هناك، بل من يملك عقارًا فيها. أما إذا كنت مستأجرًا، يمكنك ببساطة الانتقال عند نهاية عقد الإيجار وترك المشكلة للمالك.

إليك خمس نصائح لتساعدك على توفير المال أثناء الدراسة الجامعية

الحجة الحقيقية الوحيدة لامتلاك منزل

ستمتلك منزلك بالكامل في يوم من الأيام

ولا يمكن التقليل من أهمية هذا الأمر، فبعض الناس يرغبون ببساطة في الشعور بالاستقرار وامتلاك مكان يعود إليهم بالكامل. والخبر الإيجابي أن سداد قرض الرهن العقاري يعني التحرر من الأقساط الشهرية. أما المستأجر، فسيظل مطالبًا بدفع الإيجار ما دام بحاجة إلى سكن.

صحيح أنك ستستمر في دفع الضرائب وتكاليف الخدمات، لكنها غالبًا ستكون أقل بكثير مقارنة بتكاليف القرض الشهري.

ستبني حقوق ملكية بمرور الوقت

طالما أن منزلك لا يفقد قيمته، فإنك تبني تدريجيًا ما يُعرف بـ "حقوق الملكية" فيه، أي الجزء من العقار الذي تمتلكه فعليًا. فمع كل دفعة شهرية من أقساط الرهن، تُراكم جزءًا من هذه الملكية، والتي يمكنك الاستفادة منها لاحقًا عبر البيع أو إعادة التمويل.

لكن يجدر الحذر إذا لم تمكث في المنزل لعدد كافٍ من السنوات، فإن رسوم السمسرة وتكاليف الإغلاق قد تلتهم معظم أو كل ما جمعته من تلك الحقوق. والأسوأ أن هذه الملكية ليست نقدًا متاحًا بسهولة، فالحصول على قيمتها يتطلب بيع المنزل أو اللجوء إلى الاقتراض مجددًا.

صحيح أن سداد الرهن وبناء حقوق الملكية يمكن أن يساعد في تنمية الثروة، لكنه خيار لا ينجح إلا إذا التزمت بالاستقرار في المنزل لفترة طويلة، وتجنّبت الاقتراض المتكرر بضمانه.

في الختام،

إذا كنت تبحث عن نصيحة مالية بسيطة وصادقة بخصوص السكن، فاعتبر ما تنفقه شهريًا ،سواء كان إيجار أو قسط رهن، مجرد تكلفة للعيش، وأنفق وفقًا لذلك، مع الحرص على ادخار أو استثمار الفرق إن وُجد.

أما إذا كان امتلاك منزل يشكّل بالنسبة لك مصدر فخر شخصي، رغم ما يحمله من التزامات ، فامضِ في شرائه، وربما تجني منه عائدًا مستقبليًا.

لكن تذكّر: لا تعتمد على منزلك كاستثمار مضمون، فهو في المقام الأول مكان للعيش، لا أداة مالية مضمونة الربح.

المصدر:

moneyunder30