الاقتصاد المصري
الصالحية الجديدة.. مشروع يزرع المستقبل فوق رمال الشرقية
مدرس شغوف بسوق الأسهم والاقتصاد
آخر تحديث
في قلب الصحراء الشرقية، وعلى مساحة تمتد لعشرات الآلاف من الأفدنة، يتواصل العمل في مشروع الصالحية الجديدة الزراعي، الذي تسعى الدولة من خلاله إلى تحويل صحراء كانت جرداء إلى مجتمع إنتاجي متكامل يقوم على الزراعة الحديثة
الصالحية الجديدة.. مشروع يزرع المستقبل فوق رمال الشرقية
في قلب الصحراء الشرقية، وعلى مساحة تمتد لعشرات الآلاف من الأفدنة، يتواصل العمل في مشروع الصالحية الجديدة الزراعي، الذي تسعى الدولة من خلاله إلى تحويل صحراء كانت جرداء إلى مجتمع إنتاجي متكامل يقوم على الزراعة الحديثة والصناعات الغذائية والثروة الحيوانية. ويأتي المشروع بوصفه أحد أكبر مشاريع التنمية الزراعية في مصر، وركيزة رئيسية في استراتيجية تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء وتقليل الفجوة الغذائية.
حيث لا يقتصر المشروع على كونه توسعًا زراعيًا، بل يمثل رؤية تنموية تسعى إلى إعادة الاعتبار للأرض وإحياء العلاقة بين الإنسان وبيئته، وبناء مجتمعات عمرانية جديدة تخفف الضغط على وادي النيل والدلتا. وقد بدأ التفكير في إنشاء المشروع ضمن خطط استصلاح أراضي شرق الدلتا خلال السبعينيات والثمانينيات، استنادًا إلى رؤية تهدف إلى توسيع الرقعة الزراعية ومواجهة الزيادة السكانية، والاستفادة من الموارد المائية عبر تقنيات الري الحديثة.
يقع مشروع الصالحية الجديدة عند المدخل الشرقي للدلتا ضمن نطاق محافظة الشرقية، ويشكّل نقطة اتصال حيوية بين محافظات شرق الدلتا وشمال سيناء، ويستفيد من قربه من محور القناة والموانئ والمناطق اللوجستية، ومن شبكة الطرق القومية مثل طريق الإسماعيلية – الزقازيق، وطريق الصالحية – بورسعيد، بالإضافة إلى توافر المياه عبر ترعة السلام والآبار الجوفية.
ويضم المشروع مساحات واسعة مزروعة بمحاصيل استراتيجية كالقمح، والذرة، والشعير، والبنجر، والذرة الرفيعة، وفق منظومة تعتمد على الميكنة الكاملة منذ تجهيز التربة وحتى الحصاد، فضلًا عن إنتاج الخضر مثل البطاطس والطماطم والبصل والخيار والفلفل والكوسة، والتي يتم توجيهها إلى التصدير أو إلى الأسواق المحلية وفق معايير جودة دقيقة. كما تنتج منطقة الصالحية الجديدة محاصيل فاكهة تصديرية مثل العنب والموالح والرمان والزيتون، بما يعزز الصادرات الزراعية عبر موانئ القناة.
وفي جانب الري، يعتمد المشروع على الأنظمة المحورية والري بالتنقيط ونظم الاستشعار لقياس الرطوبة وتحديد الاحتياجات المائية بدقة، ما أسهم في رفع كفاءة استخدام المياه وتقليل الفاقد. كما يضم المشروع مزارع للثروة الحيوانية تعتمد على سلالات عالية الإنتاجية لإنتاج الألبان واللحوم، بالإضافة إلى مزارع الأغنام والماعز بتقنيات تطوير وراثي، ووحدات بيطرية متخصصة.
ولتعظيم القيمة المضافة، تم إنشاء مجازر حديثة وخطوط لإنتاج مشتقات الألبان ومراكز تبريد وتخزين، إلى جانب مصانع لتجفيف البصل وإنتاج البطاطس النصف مقلية، ومصانع تعليب الفاكهة وصناعة الأعلاف، وثلاجات تبريد لوجستية تحقق التكامل الإنتاجي داخل المشروع.
كما جرى إنشاء بنية تحتية تشمل شبكة طرق داخلية ومحطات كهرباء ومناطق سكنية للعمال والمهندسين ووحدات صحية ومدارس ومراكز خدمية. ويهدف المشروع إلى توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ودعم الصادرات الزراعية، ودفع مسار التنمية في المناطق الصحراوية، والتمهيد لإنشاء مجتمعات عمرانية مستقبلية.
ورغم الإنجاز، يواجه المشروع تحديات تتعلق بتأمين مصادر مياه مستدامة، وتطوير الصناعات التحويلية، ورفع كفاءة الشحن والنقل، ومواكبة التقنيات الزراعية الحديثة. وتعمل الدولة على تطوير المشروع عبر زيادة المساحات المزروعة، واعتماد نظم ري ذكية، والتوسع في التصنيع الغذائي، وربط المنطقة بالموانئ عبر شبكات نقل متطورة.
وبينما تتجه الأنظار إلى المشروع بوصفه رمزًا لتنمية الصحراء وتحويلها إلى مساحة نابضة بالحياة، شهد طريق الصالحية – الإسماعيلية صباح اليوم حادث انقلاب سيارة ميكروباص، أدى إلى إصابة 13 فتاة والسائق بإصابات متفرقة. وقد أكد مصدر طبي من مستشفى القصاصين أن الحالة الصحية للمصابين مستقرة، وأن الإصابات تراوحت بين كسور وكدمات وجروح، وتم التعامل معها فور وصولها إلى المستشفى.
وحصلت «المصري اليوم» على أسماء المصابين وهم: محمود أسامة جمعة، روان محمد، فاطمة أمين محمد، مريم شعبان عبدالمقصود، نجاة مصطفى محمد، محمود محمد الغرباوي، ولاء محمد عبدالعظيم، هدى محمد أحمد، هنا حسام غريب، تيسير السيد عبدالرزاق، رضا عبدالعليم محمد، خديجة عبدالنبي دسوقي، وسلوى عبدالفتاح عبدالعظيم.
وقد تم الدفع بـ 11 سيارة إسعاف لنقل المصابين إلى مستشفى القصاصين، وتحويل بعض الحالات إلى مستشفى الصالحية الجديد. وتم تحرير محضر بالواقعة، والبدء بإزالة آثار الحادث وفتح الطريق مرة أخرى.
وهكذا، وبين مشروع يزرع الحياة في قلب الصحراء، وحادث أعاد الأنظار إلى الطريق الحيوي المؤدي إليه، تبقى الصالحية الجديدة عنوانًا لمعركة التنمية في مصر، ورسالة تقول إن المستقبل يُزرع قبل أن يُبنى، وإن الصحراء يمكن أن تصبح مساحة خضراء تخفق بالحياة متى توفرت الإرادة.
المصدر:
هل تحتاج مساعدة؟