الاستثمار في سوق الأسهم في العراق

تعتمد دولة العراق على النفط أكثر من أي دولة أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يمثل أكثر من ثلثي ناتجه المحلي الإجمالي، و95% من إيراداته الحكومية، و99% من إجمالي صادراته، شكّلت هذه الثروة النفطية المحرك الرئيسي لجذب الاستثمارات إلى الاقتصاد العراقي

الاستثمار في سوق الأسهم في العراق

وتتمثل خطط العراق الطموحة في زيادة إنتاج النفط في المستقبل وجذب المزيد من الاستثمارات.

سنقدم في هذا الدليل الشامل أهم المعلومات عن سوق الأسهم في العراق، واستراتيجيات التداول فيه بنجاح، تابع القراءة لمعرفة طبيعة الاستثمار في سوق الأسهم العراقي.

معلومات عن سوق الأسهم في العراق

بعد تحرير العراق، بدأ عهد جديد للعراق في جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية، وبالرغم من التحديات العديدة التي تواجهها البلاد، إلا أن البلاد تتمتع بمزايا إيجابية يمكن البناء عليها في العديد من المؤسسات المهمة. 

إلى جانب ذلك، بدأ سوق العراق للأوراق المالية تدريجيًا في استعادة نشاطه من خلال تشجيع الشركات على الإدراج وبدء التداول من جديد. وقد دعمت هذه الجهود زيادة عدد الشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية، وحجم تداول الأسهم، والقيمة السوقية لسوق الأوراق المالية. 

يُعد تاريخ سوق العراق للأوراق المالية (ISX) جديدًا نسبيًا؛ إذ تأسس هذا السوق وبدأ عمله في عام 2004، وكان السوق منظمة ذاتية التنظيم، على غرار بورصة نيويورك، ويعمل تحت إشراف هيئة الأوراق المالية العراقية، وهي نموذج لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.

ينقسم سوق العراق للأوراق المالية إلى نوعين من الأسواق:

• السوق الأولية: هي المكان الذي يتم فيه التواصل المباشر بين المشترين والبائعين، ويتم فيه تداول الأسهم الجديدة المصدرة فقط، وهي وسيلة لجمع رأس المال للشركات. 
• السوق الثانوية: وهي الأسهم المصدرة والمتداولة في السوق.

تطور سوق العراق للأوراق المالية (ISX) بشكل متميز، كان يعمل بنظام التداول اليدوي من عام 2004 إلى عام 2009 لتداول أسهم الشركات المدرجة، ومنذ عام 2009 يستخدم سوق العراق للأوراق المالية نظام التداول الإلكتروني ونظام الإيداع المُجهز من قِبل ناسداك أو إم إكس، كما أصبحت جلسات التداول خمس جلسات أسبوعيًا بعد اعتماد نظام التداول الإلكتروني ونظام المقاصة والتسوية.

الاستثمار في سوق الأسهم الأمريكي من العراق

تعتبر السوق الأمريكية بيئة استثمارية خصبة للمستثمرين من دول الخليج العربي والشرق الأوسط، وخاصة المتداولين العراقيين عبر صناديق الاستثمار المتداولة(ETFs) والأسهم الأمريكية الأكثر شهرة وتشمل Amazon وApple وأيضًا Tesla.

بالرغم من التحديات التي تواجه المستثمرين العراقيين في الأسواق الدولية تلك المرتبطة بالتحويلات والوسطاء، إلا أنه من السهل التغلب عليها عن طريق اعتماد استراتيجيات استثمار طويلة الأجل عبر (ETFs)، واختيار وسطاء دوليين للحصول على عروض مقبولة، واستخدام منصات التداول الإلكترونية للوصول إلى الأسواق الدولية.

مع تحسن الأوضاع الاقتصادية والسياسية في العراق، زاد إقبال المستثمرين العراقيين على التداول في الأسواق العالمية منها السوق الأمريكي، حيث تمكن المستثمرين من النجاح في سوق الأسهم الأمريكي عن طريق الاستثمارات المباشرة، وشركات الأسهم الرائدة في القطاعات المختلفة، مما يؤكد على توافر فرص استثمارية في السوق الأمريكي.

أكدت الدراسات والأبحاث على أن السوق العراقية غير مندمجة مع الأسواق العالمية، مما يشكل فرصة ذهبية للمستثمر العراقي للاستفادة من التنويع الدولي، خاصة عند وقوع الأزمات، لذا يجب على المستثمر العراقي التوجه نحو الاستثمار العالمي نظرًا للعوائد المحتملة وتنويع المخاطر، فالاستثمار في الأسواق العالمية بما في ذلك السوق الأمريكي وسيلة لتقليل المخاطر وزيادة العوائد مقارنة بالبقاء ضمن السوق المحلي فقط.

كيفية تداول الأسهم في العراق

يمكن القول أن استخدام نظام التداول الإلكتروني كبديل لنظام التداول والإيداع اليدوي أعطى مرونة كبيرة ومعلومات مختلفة للوسطاء مما سهل عليهم معرفة العمليات المنفذة وغير المنفذة وإجراء تحليل لأوضاع الشركات التي يتم تداول أسهمها بشكل أسرع، مما ساهم في رفع كفاءة وسرعة التعامل في الأوراق المالية.

يمكنك الاستثمار بسرعة وشفافية في السوق العراقي للأوراق المالية (Iraq Stock Exchange - ISX)، وذلك من خلال اتباع الخطوات التالية لتنفيذ أوامر التداول:

التحول للنظام الإلكتروني (Electronic Trading System)

بدأ التحوّل من التداول اليدوي (لوحات وكتابة الأوامر) إلى نظام X stream الإلكتروني بدعم من NASDAQ في أبريل 2009، والذي مكن من تنفيذ الأوامر إلكترونيًا ضمن منصة وتقنيات مطابقة أوامر تلقائية، مما أدى إلى زيادة ملموسة في السيولة وعمق السوق، وفقًا لدراسة "Event Study" التي قارنت أداء السوق قبل وبعد استخدام النظام. 

التسجيل المركزي (Central Filing / Depository – CDS)

بدأ مركز الإيداع المركزي (Iraqi CSD) في العمل الفعلي عام 2009 بالتزامن مع التداول الإلكتروني، ليحل محل إصدار السندات الورقية ويتم تسجيل الأسهم إلكترونيًا لدى مركز إيداع مركزي موحّد.

أصبح من الضروري ألا يتم بيع أي سهم ما لم يكن مسجّلًا في مركز الإيداع باسم المستثمر، مما عزز الشفافية وحماية الملكية.

فتح حساب التداول والتسجيل لدى وسيط مرخّص

يجب على المستثمر فتح حساب لدى وسيط مرخّص ومعتمد، وإتمام تسجيله في نظام اعرف عميلك (KYC)، كما ينبغي تسجيل الأصول باسم المستثمر في المركز المركزي للمستثمرين (CDS) لضمان نقل الملكية وتحويل الأموال إلكترونيًا بشكل آمن.

إيداع الأموال وتحويلها رسميًا

لا يُسمح بالتداول النقدي؛ بل يجب تحويل الأموال بواسطة البنوك المعتمدة وبالعملة المحلية (الدينار العراقي)، ويتابع الوسيط الرصيد عبر نظام Back-office ويتأكد من توفر رصيد كافٍ قبل تنفيذ الأوامر.

تقديم أوامر السوق (Buy/Sell Orders)

يُقدّم الأمر عبر الوسيط الإلكتروني أو التطبيق، أو عبر البريد الإلكتروني أو مكتب الوسيط مباشرة، ويتضمن تحديد عدد الأسهم، نوع الأمر(سوقي – ثابت)، السعر المعيّن إن وُجد، ومدة صلاحية الأمر.

يُتاح للمستثمر الدخول في جلسة استكشافية (9:30–10:00 صباحًا) لوضع أوامر الشراء/البيع قبل بدء التنفيذ التلقائي في الجلسة من 10:00 صباحًا.

تنفيذ الأوامر في الجلسة الإلكترونية

تبدأ جلسة التداول من 10:00 صباحًا إلى 1:00 ظهرًا، مما يُمكّن المساهمين والمستثمرين من التداول وفقًا لتأثيرات العرض والطلب، ووفقًا للمعلومات التي تنشرها الشركات المساهمة في يوم جلسة التداول، ومن ثم مطابقة وتنفيذ الأوامر إلكترونيًا، بناءً على أفضل الأسعار المتاحة في السوق، مما يعزز من كفاءة التنفيذ ويقلل من أخطاء التداول اليدوي.

جلسة الصفقات الكبيرة (Large Trades): 1:00–1:30 ظهرًا

تُنفّذ العمليات الكبيرة ضمن إطار إجراءات كشف مالي ومدقق للوسطاء، تلتزم ضوابط KYC ومراقبة المخاطر والتعاملات الكبيرة.

التسوية ونقل الملكية (Settlement T+0)

بعد انتهاء الجلسة، تبدأ عمليات التسوية المالية والتسليم (T+0): تُحوّل الأموال من المشتري إلى البائع عبر البنوك المعتمدة، ويُحدث مركز الإيداع المركزي ملكية الأسهم باسم المستثمر، وتتم التسوية خلال الفترة 1:30 – 2:00 ظهرًا في نفس يوم التداول.

الرقابة والتحليل بعد السوق

يتم مراقبة الأوامر المنفذة وتحليل مؤشرات السوق المختلفة مثل مستوى السيولة، عمق السوق، ومؤشرات الأداء، إضافةً إلى إجراء عمليات تدقيق دورية لشركات الوساطة للتأكد من التزامها بقواعد التداول ومعايير الشفافية والملاءة المالية، وذلك تحت إشراف هيئة الأوراق المالية.

كما تقوم البورصة بنشر مؤشرات يومية وشهرية تعكس نشاط السوق، وتشجع على الإفصاح المالي الفوري عن أي أحداث جوهرية لدى الشركات قد تؤثر في أسعار أسهمها

كيفية شراء أسهم العراق

يوفر قانون الاستثمار العراقي رقم 13 لعام 2006 مع تعديلاته 2010 و2015 الإطار القانوني الأساسي للاستثمار الأجنبي والمحلي، ويشمل حق المستثمر الأجنبي في الاستثمار وامتلاك واسترداد الأسهم والأرباح، والإعفاءات الضريبية والامتيازات للحاصل على ترخيص استثماري.

كما يتناول محدودية ملكية الأسهم الأجنبية بشركات عراقية بنسبة لا تتجاوز 49٪، ومن أبرز المواد التي جاءت به:

المادة العاشرة

أولاً: يتمتع المستثمر العراقي أو الأجنبي بالامتيازات والتسهيلات والضمانات ذاتها، وعليه الالتزام بالالتزامات المنصوص عليها في هذا القانون.

المادة الحادية عشر

يتمتع المستثمر بالمزايا التالية:

أولاً: للمستثمر الحق في إخراج رأس المال الذي أدخله إلى العراق وعوائده وفقاً لأحكام هذا القانون، ووفقاً لتعليمات البنك المركزي العراقي، بعملة قابلة للتحويل، بعد سداد جميع ضرائبه وديونه للحكومة العراقية وجميع الجهات الأخرى.

ثانياً: للمستثمر الأجنبي الحق في:

• التعامل في سوق العراق للأوراق المالية بالأسهم والسندات التي يتم التعامل بها، واكتساب عضوية الشركات المساهمة الخاصة والمختلطة، حتى لو كانت هناك ممتلكات ضمن موجودات تلك الشركات.
• تكوين محافظ استثمارية بالأسهم والسندات.
• فتح فرع لشركته الأجنبية في العراق وفقًا للقانون.
• تسجيل براءة اختراع مشروعه الاستثماري وفقًا للقانون.

ثالثًا: تأمين المشروع الاستثماري لدى أي شركة تأمين أجنبية أو وطنية يراها مناسبة.

رابعًا: فتح حسابات بالعملة العراقية أو الأجنبية أو كليهما لدى أحد المصارف داخل العراق أو خارجه للمشروع المرخص له.

نظم أيضًا أمر رقم 74 لسنة 2004 المعاملات في الأوراق المالية في البورصة بالعراق من خلال البند الثالث كما يلي:

1. لا يجوز إجراء أي معاملات أوراق مالية في البورصة إلا إذا أدرجت الشركة تلك الفئة من الأوراق المالية للتداول فيها، وأن تُجرى المعاملات وفقًا لقواعد البورصة.
2. يعتمد مجلس محافظي البورصة قواعد البورصة المتعلقة بمعاملات الأوراق المالية وغيرها من الأمور، وتخضع لموافقة الهيئة.
3. تُقيد معاملات الأوراق المالية على النحو التالي:

تقتصر جميع المعاملات في البورصة على تلك التي يُجريها الوسطاء المُصرّح لهم من قِبَل البورصة لإجراء هذه المعاملات.

لا يجوز لأي وسيط أو شخص يعمل في مجال إجراء معاملات في الأوراق المالية لحسابات خاصة أو حسابات عملاء، أن يمارس أيًا من خدمات وساطة الأوراق المالية خارج البورصة، بغض النظر عما إذا كانت الأوراق المالية المعنية بهذه المعاملة متداولة في البورصة أم لا، ما لم تكن تلك الأوراق المالية خاضعة للوائح أخرى ذات صلة تصدرها الهيئة.

توقعات سوق الأسهم في العراق من 2025 إلى 2030

لدى العراق فرص كبيرة لتحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030 عبر التنويع الاقتصادي، واعتماد إرادة سياسية قوية، وإصلاحات شاملة، واستثمارات استراتيجية لتحقيق نمو مستدام وتنمية شاملة بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النفط.

هنا يتضح ما يلي:

من أهم التحديات في العراق هو الاعتماد المفرط على النفط كمصدر رئيسي للدخل، لذا يجب تقليل الاعتماد على النفط وتطوير قطاعات أخرى مثل الزراعة، الصناعة، والخدمات لتوفير مصادر دخل مستدامة.

تنمية قطاعات مثل السياحة والطاقة المتجددة توفر تنويع الاقتصاد، كما أن تحسين البنية التحتية يسهل الاستثمار ويعزز الإنتاجية ويدعم النمو الاقتصادي.

القطاع الصناعي في العراق له دور في تطوير الاقتصاد العراقي وتحقيق التنمية الاقتصادية 2030، وذلك لما له من تأثير إيجابي واضح على نمو الاقتصاد العراقي حاليًا والذي يمتد تأثيره إلى المستقبل.

النمو في القطاع الصناعي يؤدي إلى تحسين الإنتاجية وزيادة فرص العمل، مما يدفع التنمية الاقتصادية الشاملة، ويحقق استقرار اقتصادي طويل الأمد، إذا تم تذليل العقبات مثل ضعف التكنولوجيا والسياسات الاقتصادية غير الملائمة.

أفضل 6 أسهم للاستثمار بها في العراق

يهدف العراق إلى تعزيز الأداء الاقتصادي للبلاد من خلال تعزيز الاستقرار السياسي والأمني، وبناء وتحسين البنية التحتية، وتشجيع الاستثمار في القطاعات النفطية وغير النفطية، ودعم تطوير القطاعات المالية.

كما يمتلك العراق إمكانيات كبيرة لاستقطاب FDI خصوصًا في قطاعات النفط، البنية التحتية، والصناعة، فيسعى المستثمرون الاستراتيجيون والماليون من جميع أنحاء العالم إلى الاستثمار في العراق، ومن أبرز القطاعات والفرص الاستثمارية الواعدة في العراق:



قطاع النفط والغاز

يُعد هذا القطاع العمود الفقري للاقتصاد العراقي، إذ يوفّر فرصًا واسعة في مجالات تطوير الحقول النفطية والتكرير والتصدير، مع تزايد التوجه نحو الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لتعزيز الإنتاجية وضمان الاستدامة.

البنية التحتية

تتبنى العراق مشاريع إعادة بناء الطرق، الجسور، وشبكات الكهرباء والماء، وتوفر فرص ضخمة في مشاريع إعادة الإعمار بعد سنوات الصراع، إلى جانب الاهتمام المتزايد بتطوير شبكات الاتصالات والإنترنت.

الزراعة

تحرص العراق على تحسين تقنيات الري والإنتاج الزراعي، واستغلال الأراضي الزراعية الخصبة لزيادة الإنتاج والتصدير، مما يتيح فرص للاستثمار في الصناعات الغذائية المرتبطة بالزراعة.

القطاع الصناعي

مع الاتجاه إلى إقامة مصانع جديدة للمواد البنائية، والصناعات الكيماوية، والصناعات الغذائية، إلى جانب دعم الصناعات التحويلية لتقليل الاعتماد على الواردات، يحظى المستثمرين بفرص استثمارية بعوائد مالية مثالية.

قطاع الخدمات المالية

تحرص العراق على تطوير النظام المصرفي والمالي لجذب المزيد من الاستثمارات، الأمر الذي يساهم في إتاحة العديد من الفرص في خدمات التأمين والتمويل الصغيرة والمتوسطة.

قطاع السياحة والترفيه

على الرغم من التحديات الأمنية والسياسية في العراق، إلا أن هناك فرص للاستثمار في السياحة الدينية والثقافية، لذا تزداد فرص الاستثمار في إعادة تأهيل المواقع التاريخية والدينية.

في النهاية، اتخاذ خطوة جادة نحو الاستثمار في سوق الأسهم في العراق قرار ناجح، ولا سيما في ظل الإجراءات المتبعة في العراق لتنمية الاستثمارات في القطاعين العام والخاص، والتسهيلات والحوافز الاستثمارية في القطاعات المختلفة.

المصادر:

academia

researchgate

investpromo