تعتبر العلاقة بين الليرة السورية والجنيه المصري واحدة من أكثر العلاقات النقدية تعقيداً في المنطقة العربية، لأنها تجمع بين اقتصادين مختلفين تماماً في الظروف والبنية.
فمن جهة، يعاني الاقتصاد السوري من تداعيات الحرب والعقوبات والانكماش الحاد في الإنتاج، ومن الجهة الأخرى يسعى الاقتصاد المصري إلى الاستقرار رغم التضخم والتحديات العالمية.
هذا الزوج يعكس الفارق الكبير في القوة الشرائية بين العملتين، كما يعد مؤشر على مدى تأثر كل بلد بالأحداث السياسية والاقتصادية المحيطة به.
وفي هذا المقال، سنتعرف على معنى الرمزين SYP وEGP، ونستعرض تاريخ العلاقة بين العملتين، ثم نحلل العوامل التي تؤثر على سعر الصرف، ومتى يمكن أن تنخفض أو ترتفع الليرة السورية مقابل الجنيه المصري، وأخيراً نتناول مستقبل هذا الزوج النقدي وفق للبيانات الصادرة عن المؤسسات الدولية.
ما معنى SYP/EGP
الزوج SYP/EGP لا يعد من الأزواج الرئيسية في أسواق الفوركس، لكنه مهم للدولتين من حيث التحويلات المالية والعلاقات التجارية.
هذا الزوج يكشف الفرق الاقتصادي الكبير بين الاقتصادين المصري والسوري، حيث يعكس بطريقة مباشرة حجم الفجوة في التضخم، الناتج المحلي، والاستقرار النقدي.
في التحليلات الاقتصادية، ارتفاع زوج الليرة السورية/الجنيه المصري SYP/EGP يعني أن الليرة السورية تقوت مقابل الجنيه المصري (أي أن الليرة أصبحت أغلى)، بينما انخفاض الزوج يعني أن الليرة فقدت من قيمتها أمام الجنيه.
وعلى الرغم من أن تداول هذا الزوج محدود جداً على مستوى العالم، إلا أنه يظل مؤشر محلي مهم ولاسيما لرجال الأعمال الذين يتعاملون بين البلدين، للمغتربين السوريين في مصر[2][3][6][7][10].
ما معنى اختصار SYP
الاختصار SYP هو الرمز الدولي المعتمد لـ الليرة السورية وفقاً لمعيار ISO 4217 الخاص بتحديد رموز العملات العالمية. الرمز المحلي للعملة هو ل.س أو أحياناً يُكتب LS. رمز SYP هو الكود المستخدم في الأنظمة البنكية العالمية لتجنب اللبس بين العملات.
الكود SYP يسهل عمليات التداول في أسواق الفوركس، التحويل المالي، والتقارير الاقتصادية.
ومن الأمثلة على استخدام SYP: في البنوك عند تحويل الأموال حيق 100 USD يعادل قيمة معينة بال SYP. في أسواق الفوركس حيث زوج SYP/USD أو EUR/SYP. في التطبيقات الاقتصادية مثل TradingView أو XE حيث يتم عرض أسعار الصرف بالكود الرسمي.
ورغم محدودية استخدامها خارج دولة سوريا بسبب القيود والعقوبات الاقتصادية، هذا الاختصار يجعل العملة معترف بها دولياً في المعاملات المالية[4][3][5].
ما معنى اختصار EGP
اختصار EGP هو الرمز الدولي الرسمي للجنيه المصري وفق معيار ISO 4217، وهو النظام العالمي الذي يحدد رموز وأسماء العملات في الأسواق المالية. هذا الاختصار يتم استخدامه للتفريق بين الجنيه المصري وغيره من العملات التي قد تحمل اسم "جنيه" مثل الجنيه السوداني أو الجنيه الإسترليني (GBP).
عند التعامل في سوق الفوركس أو إجراء التحويلات البنكية الدولية، يظهر الجنيه المصري بالرمز EGP لتفادي أي لبس بين العملات. كما يتم استعماله في أنظمة الدفع الإلكتروني، التقارير الاقتصادية الرسمية، والمنصات المالية. استخدام الاختصار يمنح العملة المصرية تعريفاً واضحاً على المستوى العالمي، ويُبرز وجودها في الأسواق الدولية كعملة معترف بها بشكل رسمي[2].
تاريخ الليرة السورية مقابل الجنيه المصري
تاريخ العلاقة بين الليرة السورية والجنيه المصري يمكن اعتباره مرآة للتطورات الاقتصادية في البلدين خلال العقود الأخيرة.
في السبعينات، كانت كل من مصر وسوريا تمران بمرحلة إعادة بناء اقتصادية بعد حروب متتالية، وكانت العملتان متقاربتين من حيث القوة الشرائية.
ومع مرور الوقت، بدأت جمهورية مصر العربية تنفتح اقتصادياً بعد سياسة الانفتاح في عهد الرئيس السادات، بينما ظلت دولة سوريا تعتمد على الاقتصاد الموجه، ما أدى إلى إبطاء النمو في عملتها مقارنة بعملة الجنيه المصري.
أما في التسعينات، ظلت الفروق محدودة بشكل نسبي، لكن مع دخول الألفية الجديدة بدأت العملة السورية تتراجع بسبب تزايد بسبب الاعتماد على الواردات وتقلص الصادرات.
أما في سنة 2011 بدأت الأزمة الكبرى، حيث دخلت سوريا في حالة انهيار اقتصادي شامل بسبب العقوبات الدولية والحرب، مما أدى إلى فقدان الليرة السورية أكثر من 95% من قيمتها في خلال عشر سنوات.
على الجانب الأخر، قامت جمهورية مصر العربية بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية الكبري في سنة 2016 تضمنت تحرير سعر الصرف، ورغم الصعاب، ساعد ذلك على تثبيت سعر الجنيه بشكل نسبي أمام العملات الأجنبية الأخرى.
والنتيجة الحالية أن عملة الجنيه المصري أصبحت أقوى بنحو مئة ضعف أمام الليرة السورية مقارنة بما قبل سنة 2011.
وبينما تحاول دولة سوريا اليوم دعم عملتها عبر إجراءات محدودة، إلا أن العقوبات المفروضة وغياب الحل السياسي يجعل أي تحسن مستقبلي بطيئاً جداً مقارنة بالجنيه المصري الذي لا يزال يحافظ على قيمته داخل الحدود المقبولة[2][3][6][7][8][9].
تحليل الليرة السورية مقابل الجنيه المصري
تحليل العلاقة بين الليرة السورية والجنيه المصري يكشف عن فجوة اقتصادية ضخمة بين الدولتين، حيث الناحية الاقتصادية، يتأثر الجنيه المصري بعوامل مثل معدلات التضخم، سعر الفائدة، وحجم الاحتياطي النقدي الأجنبي.
بينما تتأثر الليرة السورية بعوامل أكثر حدة، مثل غياب الصادرات النفطية، العقوبات الغربية، وانهيار البنية الإنتاجية الداخلية.
في آخر السنوات، الفارق اتسع بشكل واضح بين العملتين
في عام 2010، كان الجنيه المصري يعادل نحو 8 إلى 10 ليرات سورية، أما في عام 2025، فقد تجاوز السعر 900 إلى 1000 ليرة سورية لكل جنيه مصري في السوق السوداء.
أثر عوامل عديدة على ضعف الليرة السورية فمنها الحرب الداخلية المستمرة التي دمرت الاقتصاد والبنية التحتية، العقوبات الدولية التي تمنع وصول العملة الصعبة إلى السوق المحلي الوطني، الاعتماد الكامل على الواردات بالدولار وتراجع الإنتاج المحلي، الاحتفاظ بالدولار أو الذهب نتيجة فقدان المواطنين الثقة بالعملة الوطنية.
أما بالنسبة للجنيه المصري فقد شهد تراجعاً أمام الدولار بعد التعويم في سنة 2016، لكنه استقر بشكل نسبي بفضل زيادة التحويلات من المصريين في الخارج، تدخلات البنك المركزي، وعائدات والسياحة وقناة السويس.
كما تظل عملة الجنيه المصري أقوى عملة عربية إفريقية من حيث الاستقرار والتداول مقارنة بالليرة السورية.
يظهر من خلال التحليل كذلك أن الاتجاه طويل المدى للزوج SYP/EGP ما زال يتسم بالصعود لصالح الجنيه المصري، أي أن الليرة تواصل فقدان قيمتها بينما الجنيه يزداد قوة. ولا توجد مؤشرات قريبة على انعكاس هذا الاتجاه في ظل استمرار الظروف الحالية داخل جمهورية سوريا[6][7][10][9][8][ 1].
متى يرتفع الليرة السورية مقابل الجنيه المصري
الارتفاع المستدام والحقيقي لليرة يتطلب عوامل هيكلية مثل: - استقرار سياسي يسمح بزيادة الصادرات وعودة النشاط الاقتصادي، رفع أو تعليق جزء من العقوبات التي تحد من وصول النقد الأجنبي، وتحسين إيرادات البلاد (تحويلات/نفط). تدفقات فجائية وكبيرة من المساعدات أو ودائع من دول صديقة يمكنها أن ترفع سعر الليرة بشكل مؤقت، لكن بدون إصلاحات مؤسساتية ومالية سيبقى أي ارتفاع مؤقتاً وهشاً. زيادة تحويلات المغتربين (خاصة من الدول الغنية) تلعب دوراً أساسياً فورياً في تزويد السوق بعملة الدولار الأمريكي وبالتالي دعم العملة مقابل الجنيه المصري والعملات الأجنبية الأخرى[6][8][10].
متى ينخفض الليرة السورية مقابل الجنيه المصري
أسباب الهبوط تشمل استمرار الصراع الذي يعيق التبادل التجاري والإنتاج، أي فرض عقوبات اقتصادية إضافية تمنع تدفق الموارد، تراجع الدعم أو المساعدات من الحلفاء، أو تفاقم عجز الميزان التجاري وزيادة الواردات المدفوعة بالدولار. كذلك، ارتفاع معدلات التضخم المحلي يعني أن التجار والمواطنين يلجأون لحفظ القيمة بالدولار أو الجنيه، مما يرفع الطلب على العملات الأجنبية ويساهم في هبوط قيمة الليرة مقابل عملات مثل الجنيه المصري. السوق الموازي (السوداء) يضخم هذه الحركة لأن الأسعار تتحدد فيها بحسب الطلب والعرض الحقيقي بعيداً كل البعد عن التحكم الرسمي[6][8].
ما هو مستقبل الليرة السورية مقابل الجنيه المصري
للتنبؤ بمستقبل زوج SYP/EGP، يمكن أن ندرج ثلاثة سيناريوهات ممكنة:
- سيناريو إيجابي: تخفيف عقوبات أو تسوية سياسية جزئية، وصول مساعدات أو استثمارات، وتحسن صادرات أو تحويلات المغتربين توفر ليرة واقتصاد أكثر استقراراً مقابل الجنيه المصري على المدى المتوسط.
- سيناريو سلبي: فرض عقوبات جديدة واستمرار الصراع أو توقف الدعم الخارجي يساهم في مزيد من استمرار الانخفاض وارتفاع الفجوة مع عملة الجنيه المصري.
- سيناريو هش(شبه ثابت): إجراءات مؤقتة من المصرف المركزي أو تدخلات متقطعة من حلفاء تمنح استقراراً نسبياً عند مستوى منخفض بدون تحسن جوهري أو عميق.
يمكننا في النهاية القول إن أي تغيير طويل الأمد وحقيقي يحتاج إلى إعادة بناء مؤسسية القطاع المالي، توحيد السياسات النقدية وزيادة موارد العملة الصعبة الأجنبية[10][8].
المصادر:
هل تحتاج مساعدة؟